-->

أرواح متعبة

أرواح متعبة

     

    تحميل مباشر
    (1)كان عمري تسعة عشر عاما عندما تقدم لخطبتي محمد ، الشاب الخلوق الذي وعدني أن نكون أسعد زوجين ان وافقت على الزواج به ، وأنه سيلبي كل طلباتي ورغباتي .مع الايام استطاع أن يسحرني بلطفه وكلامه المعسول ، فلم اعد أراه الا ذلك الزوج المثالي الذي تتمناه كل فتاة فوافقت ..كنت أحلم وكانني طير جاءته الفرصة للخروج من القفص والتحليق في السماء مغردا متنعما بالحرية مداعبا الأشجار غافلا انه قد يكون هناك صياد يترصده ليصطاده هواية ومتعة لا غير ..بعد الموافقة تمت الخطبة واستمرت عاما كان فيه أجمل أيامي وأحلى ذكرياتي ..دلال وهدايا وكلام متغزل يخطف الألباب .. كان يأسر ني باهتمامه ولباقته وأسلوبه في الحديث وفي المعاملة.. كنا نتحدث عبر الهاتف يوميا ….جاء موعد الزفاف ، موعد استكمال فرحتي كأي بنت في يومها هذا ، يوم لبس الفستان الأبيض.. كان يوما بهيجا أقيم له حفل مذهل ..عقبه شهر عسل لا ينسى ..بعد ذلك بقليل كأن السحر انقلب على الساحر ، والحياة رأسا على عقب .. تغير أسلوبه وكأنه شخص غير الذي عرفت ..يخرج من البيت على العاشرة صباحا ويعود منتصف الليل ..أجلس وحدي بين الجدران طول الوقت ، البيت بارد لا حياة فيه ، أقوم بأشغال البيت من ترتيب وتنظيف وغسل وطبخ .. أنتظره لنأكل مع بعض فلا يأتي ، أجمل الأجواء بالورد البلدي داخل الفازة الزجاجية ، أرتدي أجمل لبس عندي ،أتعطر بالبرفان الفرنسي الفاخر ، أضع لمسات تجميلية على وجهي وانتظر قدومه كطفل ينتظر هديته ولكن من غير جدوى فهو لا يأتي.. هدوء بل موت تام الى حد أسمع الحركة الدائرية للساعة التي على الحائط ..تلك الساعة التي أصبحت تزعجني. يستمر الحال هكذا حتى يخيم الليل وتملأ النجوم السماء ..أبكي وأمسح دمعتي .. ثم أبكي وأمسح دمعتي وانا أشعر بالخيبة .. أتنهد حتى يكاد صدري ينشق .. احس باختناق على مستوى حنجرتي .. أشرب الماء لأعيد القدرة على التنفس من جديد .. الساعة قاربت الثالثة ليلا ، أتمدد على السرير وأغفو حتى أهرب من واقعي..في الصباح أفتح عيني لأجده غارقا في نوم عميق ..كان هذا حالي كل يوم .. أصبحت لا أستطيع عمل شيء اذ لا فائدة منه ، كل شيء أضحى مملا و من غير معنى ..فقدت الرغبة في كل شيء ..تبخرت أحلامي .. عندما أواجهه أنه تغير يصيح في وجهي قائلا هذه حياتي وان لم تعجبك عليك المغادرة .. كل الحب والدلال انقلب الى شتائم وألفاظ جارحة.. أحسست بالاهانة ، تدهورت نفسيتي ..كل مرة ألتمس له الأعذار ..أحيانا أمسك هاتفه وأكتب رسائل حب واشتياق وأرسلها لنفسي ..أقرؤها وأبكي على أيام العسل ..لم يعد ينفع أي شيء ..تملكني الشعور بالاهمال ونقص العاطفة..لا تجملي أثاره ، ولا تسريحة شعري جذبته ، ولا تغييري لمكان الأثاث لفتت انتباهه . ..كل وقته ، على قلته في البيت ، يقضيه على مواقع التواصل ورغم كل ذلك تحملت حفاظا على بيتي ..لكن بلغ السيل الزبى ، وتطور الأمر الى أنه يضربني فتعبت ولم أعد قادرة على الاستمرار ..ذات يوم ، أخرجت حقيبتي و ملأتها بما استطعت من الملابس وغادرت البيت الى بيت أبي..ما إن أخبرتهم أني أريد الطلاق ،صاح الكل في وجهي غاضبا ، ففي نظرهم أنا المذنبة..وأن إهمالي هو ما أدى بي الى هذا ..ما أدهشني هو حتى أمي لم تكن في صفي . فرغم كل ما يحصل معي ،حملوني المسؤولية بل أمسكني أبي من يدي وجرني نحو الباب يريد إعادتي ..لم تجد محاولاتي أن أشرح لهم الموقف ..__ أرجوك يا أبي ، توقف لا أريد العودة ، لا أريد العيش معه .. ولكنه لا يكترث لما أقول ، ومن كثرة البكاء شعرت بدوران أسقطني أرضا ولم أشعر بعده الا وأنا بالمشفى.. ما ان استفقت ، اقتربت مني أمي قائلة : مبارك عليك أنت حامل . خبر تلقيته كالصاعقة . يا الله لما كل هذا الاختبار ، أنت تعلم معاناتي مع هذا الرجل فكيف سيكون حال طفلي ؟!مع اصرار أبي أن أعود وأمي التي قالت لا تشمتي في أحدا ، ماذا يقول الناس لو تطلقت ! أحسست أنني ليست ابنتهم وأنني وصمة عار لهم . سلمت أمري لله وعدت إكراما لوالدي .. لكن ، بعد أيام فقط ازدادت الحالة سوءا . وأصبح يعايرني أن أبي هو الذي أعادني وليس هو ..لم أعد أقدر على التحمل أكثر ، وكل يوم يذبل في عيني .. النتيجة أنني قررت المغادرة ، لكن هذه المرة الى وجهة أخرى غير بيت أبي ….غادرت وأنا أدعو الله أن يتولاني برحمته ، وأردد : لم يستوصوا بنا خيرا يا رسول الله …يتبع
    ⬇️للتحميل ⬇️


    إرسال تعليق